خلال القرون الثلاثة الأخيرة تغيرت أحجام المزارع وتأثر توزيعها عالميا لأسباب عدة، تشهد العديد من البلدان تحولا من الزراعة إلى القطاعات الصناعية والخدمية، حيث يفضل الشباب العمل في هذه القطاعات بدلا من الزراعة التقليدية. قد يكون هذا بسبب التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها القطاع الزراعي، مثل صعوبة الحصول على التمويل والمشكلات البيئية والتغيرات في أنماط الاستهلاك.
مع ذلك، يجب الإشارة إلى أن الزراعة لا تزال قطاعا حيويا وأساسيا في العديد من البلدان، وتوجد مزارع صغيرة وكبيرة تعمل بشكل فعال في جميع أنحاء العالم. ومع التحديات المستمرة التي تواجه البشرية، مثل التغير المناخي والأمان الغذائي، قد تتطلب الزراعة مزيدا من الابتكار والتطور لتلبية الطلب المتزايد على الغذاء.
تنبأ فريق بحثي تابع لجامعة “نيو يونيفيرسيتي أوف كولورادو بولدر” (New University of Colorado Boulder) بتقلص مساحات المزارع حول العالم إلى نحو النصف بحلول نهاية القرن الـ21، مما سيعرض النظام الغذائي العالمي لخطر كبير. وقد نشرت نتائج هذه الدراسة في دورية “نيتشر ساستينابيليتي” (Nature Sustainability) يوم 11 ماي الحالي.
دراسة الماضي والتنبؤ بالمستقبل
عمل فريق الباحثين على دراسة التغيرات الحادثة بالفعل في أعداد المزارع حول العالم وأحجامها بدءا من عام 1960 حتى 2013، وبناء على نتائج هذه الدراسات استطاعوا التنبؤ بمزيد من التغيرات المحتملة وصولا إلى عام 2100. وأوضح الباحثون أن تلك الدراسة تعد الأولى من نوعها في هذا القطاع البحثي.
ولتقييم وضع المزارع الحالي عالميا، اعتمد الباحثون على بيانات منظمة الأغذية والزراعة “الفاو” (FAO) التابعة للأمم المتحدة، خاصة البيانات المتعلقة بمساحات الأرض المزروعة، ونصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي، وأعداد سكان المناطق الريفية، وهي بيانات مستمدة من أكثر من 180 دولة حول العالم.
وأشارت النتائج إلى أن عدد المزارع الذي بلغ قرابة 616 مليونا سينخفض عام 2100 إلى نحو 272 مليونا فقط. وسوف تتأثر أعداد المزارع سلبا ليس في الدول المتقدمة فحسب، بل سيصل هذا التأثير إلى المناطق الريفية الموجودة في دول آسيا وأفريقيا.
توفير الحلول أمر ضروري
ويأمل الفريق البحثي أن تسهم نتائج هذه الدراسة في زيادة الوعي الخاص بنظام الزراعة العالمي، وزيادة اهتمام باحثي هذا القطاع بإجراء دراسات أكثر تطورا لمواجهة المخاطر المتوقع أن يتعرض لها المزارعون خلال الفترات القادمة بسبب الأنشطة البشرية والظروف الطبيعية.
وتتضمن الحلول المقترحة وضع سياسات حكومية تحافظ على التنوع الحيوي والمحصولي، والعمل على تطبيق الوسائل الهادفة إلى مقاومة التغيرات المناخية، إلى جانب دعم دراسة العلوم الزراعية، والاهتمام بتحسين دخل المزارعين في المناطق الريفية.
المصدر : مواقع إلكترونية