تعتمد الذاكرة الشفهية أو الشفاهية كما يسميها البعض كذاكرة أساسية لدى العديد من الأمم ، حيث أنها تعتبر احد أهم مرتكزات التدوين لدى بعض الشعوب. بل وتعتبر عملية عدم العناية بهذه الذاكرة تفريط بحق الأمة والوطن… ونعتقد كذلك إن عدم الاهتمام بالذاكرة الشفاهية هو إلغاء متعمد لموروث الأمة وتغييب لذاكرتها وقطع لجذورها.
الصوت رسم للصورة كأنك تراها ، هو احساس ينبع من القلب و الصوت في الحكايات الشعبية أو الفيلم الوثائقيّ لا يقلّ أهمية عن الصورة، فمن خلال توظيف الصوت بالشكل المناسب تُعزَّز الصورة، وفي كثير من الأحيان يمكن للصوت أن يرفع من قيمة التأثير البصريّ للفيلم الوثائقي.
الإعلامية التونسية عائشة الغنوشي تقول “أن الصوت هو جواز سفر للعالم .. و التعليق الصوتي احيانا يكون اهم من الصورة، و الصوت هو التراث الشفوي و الذاكرة الشعبية التي نسجت في مخيلتنا حكايات الأجداد التي نتوارثها من جيل لجيل و هنا تكمن أهمية اصواتنا”
معهد الجزيرة للإعلام يقدم دورات متخصصة في مجال الدوبلاج والتعليق الصوتي، مع الأستاذة آمنة عمر، حيث يتعرف المتدربين على الطرق السليمة للتنفس الصحيح أثناء الأداء الصوتي، وكيفية استخدام طبقات الصوت المُختلفة، بما يتناسب مع الشخصية الكارتونية أو الدرامية، أو الفيلم الوثائقي. وتهدف الدورة إلى تمكين المُشاركين من فهم الطرق السليمة للتنفس الصحيح، أثناء الأداء الصوتي، واستخدام طبقات الصوت المُختلفة، بما يتناسب مع الشخصية الكارتونية أو الدرامية، أو الفيلم الوثائقي، والقدرة على الدبلجة أو التعليق الصوتي بمهنية، و التعرف على استوديو الصوت وأجهزته، البرامج المُستخدمة للتسجيل، تقنيات التسجيل، كيفية التعامل مع الميكروفون للحصول على تسجيل نقي خال من العيوب.
و يعتمد التعليق الصوتي على أربعة عوامل تساهم في تحديد هويته ومستوى فعاليته في أي عمل:
1- صياغة نصّ التعليق الصوتيّ: النص المكتوب للتعليق الصوتيّ ليس نصّاً أدبيّاً بحتاً كما الشعر والرواية، من المهم ألّا تُصاغ فقرات التعليق كأجزاء منفصلة وكأنّ المشاهد يتنقّل بين عدّة “كليبات”، بل إنّ طبيعة تعليق الصوتي تعتمد على خاصيّة الاستلام والتسليم ضمن منظومة واحدة.
2- تدقيق ومراجعة النّص: وهنا ليس المقصود فقط ضبط الجانب النّحويّ وسلامة اللّغة، بل يتعداه إلى المساهمة في إعادة صياغة بعض الجمل التي قد تكون طويلة فيتمّ اختصارها، أو يكون تركيبها ثقيلا ويمكن الاستعاضة عنها بجمل أكثر أريحيّة لِسَمع المشاهد، كما أنّ مِن مهام المدقّق لنصّ الفيلم الوثائقي حذف الأفكار المكرّرة، وإعادة لملمة النّص بحيث يصبح جسداً واحداً لا نشاز فيها.
3- أداء المعلّق الصوتي: قد يكون راوي التعليق الصوتي هو مخرج الفيلم أو أحد أعضاء الفريق، وقد يكون أحد معلقي الأفلام الوثائقيّة.. وهنا يجب مراعاة خامة الصوت والقدرة على التقمّص الصوتي لحالة النص المقروء، بحيث لا تكون كافة فقرات النص بذات النَّفَسْ ودرجة الانفعال، والموازنة بين الوصل والوقف في الجملة الواحدة، والاعتناء بالنّطق السليم لمخارج الحروف وعدم إضمار بعض الحروف خاصة في نهاية الكلمات.
4- توزيع التعليق الصوتي على الفيلم أو العكس: يرى البعض بأنّ نص التعليق الصوتي هو المرشد للفيلم وهو الذي يدير عملية ظهور المتحدثين والأرشيف وكذلك توظيف الموسيقى الخلفية للفيلم، والبعض الآخر يرى أنّ نص التعليق الصوتيّ هو عنصر مُتضمَّن داخل الفيلم بحسب الحاجة، وأنّ جسد الفيلم هو المقابلات، أمّا الأرشيف والغرافيك والوثائق والتعليق وغيرها، فهي عناصر مكمّلة تسير وفقاً لتلك المقابلات. وفي كلا الحالتين توزيع التعليق يجب أن ينسكب داخل الفيلم متلائماً مع المقابلات، وألّا تطول المساحات التي يُترك فيها الكلام للراوي.