يُعد العمل عن بعد بمنزلة نظام عمل يسمّح للموظف بالعمل من منزله أو من أيّ مكان أخر خارج مقر الشركة. هناك نوعان من العمل عن بعد هما: العمل الحر، والتوظيف عن بعد. يعتمد العمل الحر على توظيف مستقلين للقيام بمشروع محدد غير مستمر في أغلب الأحيان. أما التوظيف عن بعد، فيعتمد على توظيف الشركات لموظفيها عن بعد إما بدوام كامل أو بدوام جزئي، والسماح لهم بالعمل من منازلهم أو أي مكان أخر.
في الوقت الراهن، أصبح العمل عن بعد الخيار الأكثر مرونة للشركات التي ترغب في الحصول على أفضل المواهب العالمية بأقل التكاليف، وتوفير نفقات البنية التحتية، مع زيادة الإنتاجية وتحسين الاحتفاظ بالموظفين. إذ كشفت إحدى الدراسات أنّ 70% من الموظفين يعملون عن بعد مرة واحدة أسبوعيًا على الأقل على مستوى العالم، وأكثر من 50% منهم يعملون عن بعد لأكثر من 3 أيام أسبوعيًا.
ما هي مزايا العمل عن بعد؟
مزايا كثيرة تحصل عليها الشركات عند تبنيها أسلوب العمل عن بعد. وتتنوع بين المزايا المادية المباشرة التي تتمثل في زيادة الإنتاجية أو تحسينها عبر توظيف الكفاءات العالية والنادرة. إذ أن العنصر البشري هو العامل الأساسي في نجاح أيّ شركة أو مشروع، ولعل أكبر إضافة تحصل عليها الشركة من اعتماد التوظيف عن بعد، هو أنّه يتيح لها توظيف الكفاءات من أي مكان في العالم، دون التقيّد بالمنطقة الجغرافية التي تنشط فيها الشركة. ومن جملة مزايا العمل عن بعد ما يلي:
1. زيادة الإنتاجية
لنلقي نظرة على تجربة Ctrip وكالة السفر الصينية الأضخم التي تشغل نحو 16,000 موظف، خلال العام 2014 سمحت للبعض من موظفيها بالعمل من المنزل، ومن ثم بعد مرور فترة من الزمن على نموذج العمل الجديد هذا، قارنت مدى كفاءتهم وإنتاجيتهم بنظرائهم الذين التزموا بفترات الدوام التقليدية في المكاتب.
مع الأخذ بالاعتبار أن كل العوامل الأخرى متكافئة، أفادت النتائج بأن العاملين عن بعد أجروا مكالمات أكثر بمعدل 13.5% عن نظرائهم العاملين في المكاتب، وهو ما يعادل إنتاجية يوم عمل كامل على مدى أسبوع. إحصائيات أخرى تقول أن الإنتاجية ترتفع بمعدل يصل حتى 30% في فرق العمل عندما تبدأ باستخدام تطبيقات العمل الجماعي المخصصة للفرق التي تعمل عن بعد.
2. الرضا الوظيفي
يشير مفهوم الرضا الوظيفي إلى مقدار السعادة والتأثير الإيجابي للوظيفة على الحالة النفسية والذهنية للعاملين. لذلك فإن المعدلات الجيدة للرضا الوظيفي التي يتمتع بها موظفو شركة ما، تجعل منهم أصولًا ذات قيمة للشركة، سفراء للعلامة التجارية، ومستعدين دومًا للدفاع عنها، وما يترتب على ذلك من شعورهم بالانتماء والولاء وبالتالي الفخر بوظائفهم وإنجازاتهم ودور ذلك في تحقيق أهداف الشركة.
لا شك أن الرضا الوظيفي مرتبط بالعديد من العوامل الأخرى، ولا يقتصر الأمر فقط على العمل عن بعد. إلا أن الأمر المؤكد وبحسب ما نملكه من بيانات متاحة حول هذا الموضوع أن نموذج العمل الجديد واحد من العوامل المهمة التي تلعب دورًا رئيسيًا في مدى الرضا الوظيفي الذي يمكن أن يتمتع به الموظفون تجاه المؤسسات التي يعملون لصالحها.
تقول ديانا لانجلي، مسؤولة الموارد البشرية في منظمة أوكسفام التي تتبنى نظام العمل عن بعد: “يشعر الموظفون بالتمكن والقوة عندما يتم التعامل معهم على قدر واحد من المساواة عبر نموذج العمل الجماعي عن بعد وبغض النظر عن مكان تواجدهم في العالم”
3. المرونة في الإدارة
بفضل تطبيقات العمل الجماعي مثل Slack أو trello وغيرها يغدو من السهل على فرق العمل عن بعد التفاعل فيما بينها عبر هذه التطبيقات، إذ يغدو التفاعل أسرع وأسهل وأكثر كفاءة، يمكن لأيّ كان التواصل مباشرةً مع أي شخص داخل الفريق بغض النظر عن مكان تواجد أي من الطرفين.
أضف لذلك تواجد قائمة كاملة بأعضاء الفريق في مكان واحد (ضمن التطبيق) ويمكن الوصول لها بشكل مباشر، ولكل عضو فيها ملف شخصي خاص به يعرض فيها وظيفته في الفريق والمهام المسؤول عنها، يُسهل على مدراء الفرق البحث عن الشخص المناسب لمهمة ما.
فتطبيق Slack على سبيل المثال أحد أشهر تطبيقات العمل الجماعي اليوم، كان الغرض الرئيس من تأسيسه بدايةً هو تسهيل التواصل بين أفراد فريق Stewart Butterfield الذي كان يعمل على برمجة ألعاب الفيديو، قبل أن يتخلى الفريق عن مشروع ألعاب الفيديو ويركز على تطوير التطبيق الذي يعد اليوم من أسرع المشاريع الريادية نموًا في العالم.
4. تكاليف أقل على كل من الشركة والموظفين
أبرز الأسباب التي دفعت وكالة السفر الصينية Ctrip إلى تبني نموذج العمل عن بعد كان ارتفاع تكاليف إيجارات المكاتب في شنغهاي مقر العمل الرئيسي للشركة، فارتأت الإدارة أن السماح لبعض الموظفين بالعمل من منازلهم يعني حاجة أقل لمساحات العمل وبالتالي خفض تكاليف.
يتيح العمل عن بعد مزيدا من الخيارات لخفض التكاليف ولا يقتصر الأمر على تكاليف مساحات العمل فقط، لوازم تشغيل المكاتب وإدارتها وما يترتب على ذلك من نفقات على صعيد فواتير خدمات التشغيل وبدل مواصلات للموظفين وخدمات تشغيل وصيانة المعدات المكتبية وما إلى ذلك من التفاصيل يمكن الاستغناء عنها بشكل كلي بمجرد الاعتماد على فرق العمل عن بعد.
الآن، قد تكون اقتنعت بجدوى العمل عن بعد، لكن كيف تعرف إن كانت شركتك مستعدة للعمل عن بعد؟ وكيف تضمن أنّ الانتقال إلى هذا النظام سيمرّ بسلاسة، ولن يؤثر سلبا على سير العمل؟