كان من المبرمج أن تناقش الطالبة آمال مناصري أطروحتها بجامعتها غير أن الانتشار الواسع لفيروس كورونا في أسبانيا جعلها تقطع إقامتها وتترك وراءها حلم ارتداء الميدعة السوداء وقبعة النجاح، وتهرول نحو بلدها تونس. كانت أحكام القدر أقوى من إرادة البشر، عودة من أجل أمّ تركتها في مدينتها السند من ولاية قفصة.ظلت آمال أمام حاسوبها الشخصي وحيدة في الغرفة لمدة ساعة ونصف تناقش رسالة الدكتوراه أمام شاشة يظهر من خلالها رئيسة اللجنة الإسبانية ماريا سانشيز والمقرر الإسباني فرانسوا أولمو والمقرر التونسي عمّار عزوزي ومؤطّر الباحثة التونسية محمّد بوعتورة.
تحولت غرفة الحجر الصحي إلى قاعة علمية افتراضية لنقاش رسالة دكتوراه عن بعد عبر وسائل الاتصال الحديثة التي جمعت الباحثة مع مؤطرها وأعضاء اللجنة العلمية المتواجدين في مناطق مختلفة في تونس وإسبانيا، ولتكون النتيجة: “الحصول على شهادة الدكتوراه بدرجة مشرف جدا”.
تقول: “كنت أضع نصب عينيّ أمي التي تنتظرني بفارغ الصبر، لم أشأ أن أتركها وأبقى بعيدة عنها فالمستقبل مجهول أمام هذه الجائحة التي بثت الرعب في قلوب الملايين. وبقدر ما حاولت تأخير العودة إلى تونس والالتزام بموعد مناقشة رسالة الدكتوراه بقدر ما ازداد الوضع تعقيدًا حتى اتصل بي قنصل تونس بإسبانيا يعلمني بموعد إجلاء تونسيين من عدة مناطق في إسبانيا وأمريكا الجنوبية نحو تونس على متن طائرة يوم 18 أفريل”.
تؤكد أنها قررت، في نهاية المطاف، ترك أحلامها ورائها في خيار صعب ملبيّة ما اعتبرته نداء الضمير وحبّ والدتها التي كانت تنتظرها على أحرّ من الجمر خاصة مع الأنباء المؤسفة في إسبانيا في ظل توسع انتشار فيروس كورونا وحصده لآلاف الضحايا.
تقول آمال في ختام حديثها: ” أهدي نجاحي إلى روح والدي الذي توفيّ منذ سنة وأكرّم أفراد عائلتي بنجاحي. ولن أنسى فضل أستاذي المؤطر والجامعي محمّد بوعتور من جامعة صفاقس وكلّ من ساهم في تحقيق هذا النجاح من مركز الحجر وصاحب النزل” ..